الأحد، ٢٦ ربيع الآخر ١٤٣١ هـ

التضخم

 التضخم  Inflation-


كلمة نسمعها ونعتقد انها من مؤلفات الفلاسفة , أو أننا لسنا مجبرين على معرفتها , فهي من حديث (وسواليف) الاقتصاديين والمحللين في الفضائيات .

أقول ولست بأفضل من يقول في تعريف التضخم , أن هذا المصطلح مرتبط بحياتنا ارتباطا وثيقا .

وغالب الناس يمنع نفسه من التعرف على هذا المصطلح بحجة انه اختصاصه ليس اقتصادي !
دعونا نلقي نظرة بسيطة عن التضخم من دون دخول في التفاصيل والتعقيدات .
______________________________________
ماذا يعني التضخم ؟
للتضخم أنواع ومسببات , ولكن بشكل مبسط جدا وسهل هو انخفاض القوة الشرائية للريال (الجنيه) . كيف يعني ؟
انت في عام 2007 تشتري السلعة ب20 ريال وفي هذه السنة تشتريها ب25 ريال !

كيف انخفضت القوة الشرائية للنقد (الريال) ماذا حدث ؟
هل ارتفع سعر السلعة ؟ أم انخفضت قيمة الريال ؟
بوضوح أكثر , قديما يقول آبائنا انهم يشترون سلع كثيرة تصل الى 7 قطع أو اكثر (خبز وشوي علف وحلاو) بأقل من ريال واحد , واليوم نفس هذه السلع تشتريها ربما ب30 ريال .

هذا هو التضخم . التضخم يجمع سعر السلعة وانتاجها وقيمة النقد التي تشترى فيها هذه السلعة , فهو مصطلح كبير .

التضخم موجود في اقتصاد كل دولة ويزداد كل سنة ولكن بمعدلات طبيعية وعادية , ويحسب التضخم بالنسبة المئوية مثلا 5% او 2% .
والتضخم الطبيعي في اقتصاد اي دولة يكون 1% ويصل 2% , واذا ارتفع يكون نذير خطر .

كيف 1% او 2% ؟ كيف يتم احتساب هذي النسبة ؟
احتسابها سهل جدا , كما قلنا سابقا ولننظر الى تضخم سعر سلعة مثلا , لو أن هناك سلعة انت تشتريها عام 2007 ب100 ريال وفي عام 2008 وصلت 102 ريال , هنا يكون تضخم سعر السلعة 2% . أي زيادة وتضخم السعر بريالين عن السنة الماضية .
______________________________________

لماذا وكيف يحصل التضخم ؟
التضخم يكون بزيادة كمية النقود في البلد مع ثبات او نقص كمية السلع في البلد نفسه .

يعني لو قرية صغيرة فيها عشرة محلات تبيع شتى أنواع واصناف السلع , والناس يشترون من هذه المحلات كل مايريدون بأسعار ثابته . حجم المال المتداول في القرية مثلا 100 ألف ريال , يعني الناس والباعة يتداولون هذه المئة ألف خلال السنة بواسطة البيع والشراء . لو جاء تاجر للقرية وأعطى الناس كلهم مبالغ مالية لتحسين الحياة . هنا يزيد حجم المال في القرية عن 100 ألف , لذا ستزيد أسعار السلع في محلات القرية العشرة . لأن المال زاد والسلع المعروضة لا زالت ثابته .

لو أخذنا مثال آخر , لو أن هناك أقلام في المكتبة وسعر القلم ريال واحد , وانت معك 100 ريال . تستطيع أن تشتري 10 أقلام بعشرة ريالات ويبقى معك 90 ريال . وهكذا الناس كلهم لديهم تقريبا نفس حجم المال . طيب لو كان معك 1000 ريال ومع غيرك كذلك وزادت حاجة الناس للاقلام وهي بنفس كميتها في المكتبة , ستجد ان الناس وانت منهم مستعد على ان تشتري القلم بريالين , لأن قيمة القلم لا تشكل شي مقابل 1000 ريال . بمعنى ان صاحب المكتبة مهما زاد السعر ستجد ان المشتري يدفع ولا يبالي لأنه محتاج .

وكذلك قيمة الرز والخبز في بعض المناطق وغيرها بكثير من السلع .

في السعودية , الرواتب مع الناس هي نفسها , والسلع تقريبا نفسها او اقل , اذا لماذا يحدث التضخم !
التضخم لا يتم احتسابه بمجرد النظر الى دخل الفرد او العائلة (الراتب) , التضخم يحسب بكمية النقود في البلد , كما هو الحال في مثال القرية سابقة الذكر .

ربما يقول قائل ان حجم المال في السعودية هو نفسه بل ربما نقص بعد انهيارات سوق الأسهم .

نقول انتظر .

الآن البنوك تضخ كم هائل من النقد في البلد (السيولة) , مثلا انت موظف راتبك 5000 ريال , تذهب للبنك تريد تمويل ب100 ألف سيعطونك بمعدل زيادة سنوية 3% تقريبا . يعني لو أردت سداد هذ المبلغ خلال 10 سنوات سترد المبلغ للبنك بواقع 130 ألف ريال . بهذه الطريقة سيبادر الكل ان يحصل على تمويل بنكي بهذه المعدلات المنخفضة .

قبل سنوات , كانت المعدلات في بعض البنوك تلامس 9% في السنة , ولكن انخفضت رغبة بجذب العملاء للبنوك .

الآن صاحب المرتب القليل سيحصل على تمويل بالآلاف والتاجر سيحصل على تمويل بالملايين .

لذلك نجد كثيرا من الناس يمول نفسه وعائلته وزواجه أو زواج ابنائه بشراء سيارات وإعادة بيعها في السوق . وهو قد اشترى السيارة بالتقسيط من أحد البنوك بزيادة طفيفة في السنة .

ونرى كذلك سيارات جديدة بكمية كبيرة في البلد , ويتسائل البعض (من وين لهم السيارات وهو يشتكون قل الراتب) . أيضا نجد السفريات في العطلة الصيفية والأعياد تكثر والبعض يخرج خارج المملكة بمجرد وجود عطلة لعشرة أيام فقط . كما حدث في آخر عطلة وقد نفذت حجوزات الطيران والفنادق في بعض الدول المجاورة من دخول حجم هائل من المصطافين السعوديين . ونستغرب من وجود المال معهم وهم يشتكون دائما , والبعض منهم يمول نفسه للسفر من خلال تقسيط سيارة وبيعها في السوق .

ايضا هناك طريقة أخرى لزيادة كمية النقد أو على الأقل زيادة سعر السلعة , وهو الدين أو البيع بالآجل , أو ماتسمى أيضا البطاقات الائتمانية . يستطيع أي شخص لديه بطاقة إئتمانية وليس لديه كمية كافية للنقود أن يشتري أي سلعة يريدها دون دفع قيمتها , ويمهله البنك مدة 30 أو 60 يوم للسداد وربما أقل أو أكثر . وبعض التجار والأسواق والمحلات ترفع سعر السلعة بمجرد أن العميل اشتراها من خلال البطاقة الإئتمانية .

هنا تزيد كمية النقد في البلد وترتفع اسعار السلع , مع أن بعض الناس قد أخذ درس قاسي من سوق الأسهم إلا ان اغراءات البنوك لازالت تجذب الكثير من العملاء . هذا من جانب اقتصادي .

وهناك جانب تجاري من قبل تجار السلع انفسهم , وهم بدورهم يرفعون الأسعار في ظل وجود التضخم .
وهو جانب خطير , حيث أن زيادة دخل الفرد سوف يشجع السوق على زيادة الأسعار . كما هو الحاصل الآن .

وكثير من الناس تطالب برفع الرواتب مثل بعض الدول الى 30% و اكثر .

ولكن الدولة رفعتها 5% فقط . وهو حل جيد , لأن الدولة لا تريد زيادة الهم همين على المواطن ورفع أسعار السلع , لأن السلعة سوف تزيد بمجرد زيادة دخل المواطن , وهو كما ذكرنا هو من جانب تجاري .

لأن رفع دخل الفرد العامل بالحكومة ليس حلا ناجعا لمواجهة التضخم . فلو تم أخذ نسبة موظفي الدولة من عدد جميع المواطنين لوجدنا أنهم يشكلون جزء ليس بالغالبية العظمى . فزيادة الرواتب لهم قد يضر بغيرهم من موظفي القطاع الخاص والعاطلين وطلبة الجامعات والكليات .

ولكن لمواجهة التضخم بجانب رفع الرواتب بنسبة بسيطة , يجب وضع حدود لاسعار السلع والمساكن والأراضي خصوصا المعد للتأجير منها , أو يكون ارتفاع معقول مقابل الارتفاع السنوي المعتاد كنسبة 5% فقط أو لا يكون .

فالتاجر الآن لا يوقفه سقف أعلى للسعر والمؤجر لا يوقفه سقف أعلى لرفع الآجار وكذلك الشقق السكنية والفنادق وغيرها .

أيضا هناك نقطة بين التجار انفسهم , وهي العقود التي بينهم .

مثلا لو أن محل مفروشات (غرف نوم , كنبات , طاولات , وغيرها) , كان يبيع الكنب ب1000 ريال . معروف ان الكنب يحوي قماش وخشب وبلاستيك , ومحل المفروشات يشتري هذه المواد من تجار الأقمشة والخشب والبلاستيك ثم يركبها عنده ويبيعها لك . لكن لو رفع تاجر القماش سعر المتر وتاجر الخشب كذلك والبلاستيك رفع سعر الكيلو أو الطن ورفع أيضا تاجر النقليات سعر نقله للمواد . سنجد حتما ان بائع المفروشات سوف يرفع سعره لمواجهة هذا الغلاء , وسيكون الضحية هو المشتري المواطن .

أيضا لا يوجد سقف أعلى للارتفاع بين التجار ولا يوجد إلتزام و إلزام بالعقود .

ومن الجميل أن لايوضع دائما الحمل على الدولة في مواجهة ارتفاع الأسعار . لماذا ؟
لأن ثقافة المستهلك مهمة ويجب أن ننميها لدي الصغير قبل الكبير , فحين يزداد سعر سلعة نستطيع الاستغناء عنها ونبدلها بغيرها أو نتوقف عنها . طبعا هذا لا ينفع مع بعض السلع الضرورية التي نعتاش عليها , ولكنه حل ناجح في سلع كثيرة . كما نقل عن الخليفة عمر بن الخطاب عندما اشتكى له الناس من ارتفاع سعر إحدى السلع فقال أرخصوه , أي اتركوه عند بائعه وسيخفض سعره بعد اعراض الناس عنه .

ذكر لي أحد الاصدقاء وقد عاش مدة طويلة في أمريكا , أنه كان في إحدى القرى , يقول وكنا نشتري العنب من محل فواكة من انتاج محلي بسعر زهيد . يقول بعد مدة جاءت شركة لصناعة (الخمور) واتفقت مع صاحب المحل وهو نفسه صاحب المزرعة المنتجة للعنب أن تشتري 70% من انتاجه من العنب بنفس السعر . فوافق ثم بدأ يبيع العنب في محله بزيادة ربع دولار أمريكي , يقول فنضم سكان القرية اتفاق ضد بائع الفواكة بعدم شراء العنب منه بتاتا . يقول صديقي بعدها باسبوع عادت الاسعار لما كانت عليه !

ولكن نحن لا نعمل بهذه السياسة اطلاقا في حياتنا ولانعترف بها . بل نبادر دائما بالشراء حتى في الكماليات ولا نبالي ثم نشتكي انخفاض الرواتب وزيادة الأسعار .

هذا باختصار وبدون تعمق علمي هو التضخم من جانب واحد تقريبا , وإلا فالتضخم له تعريفات وأنواع مسببات من مدارس وعلماء مختلفين . وله أيضا علاقات مع سعر صرف العملة ومع الكساد .

======================================
           
التضخم هو الارتفاع المتزايد في أسعار السلع والخدمات، سواء كان هذا الارتفاع ناتجا عن زيادة كمية النقد بشكل يجعله أكبر من حجم السلع المتاحة، أو العكس أي أنه ناجم عن زيادة في الإنتاج فائضة عن الطلب الكلي، أو بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، فضلا عن الدور المغذي للتوقعات التضخمية.

لكن ليس من السهل تحديد متى يصبح ارتفاع الأسعار تضخميا. ويمكن القول إن هناك تضخما عندما ترتفع الأسعار المحلية بشكل أسرع من ارتفاع الأسعار العالمية. ففي هذه الحالة تكبح الصادرات وتسهل الواردات ويخشى في نهاية الأمر أن تنضب احتياطيات الدولة وقد تتحول إلى دولة مدينة.

ومن أبرز سمات ظاهرة التضخم:
- أنها نتاج لعوامل اقتصادية متعددة، قد تكون متعارضة فيما بينها، فالتضخم ظاهرة معقدة ومركبة ومتعددة الأبعاد في آن واحد.
ناتجة عن اختلال العلاقات السعرية بين أسعار السلع والخدمات من ناحية، وبين أسعار عناصر الإنتاج (مستوى الأرباح والأجور وتكاليف المنتج) من جهة أخرى.
- انخفاض قيمة العملة مقابل أسعار السلع والخدمات، والذي يعبر عنه بـ"انخفاض القوة الشرائية".

أنواع التضخم  :
هناك أنواع عديدة من التضخم، أبرزها:

- التضخم العادي: عند زيادة عدد السكان تزداد احتياجاتهم، فتضطر الدولة إلى تمويل جانب من الإنفاق العام عن طريق إصدار نقود بلا غطاء، مما يؤدي بالنتيجة إلى ارتفاع الأسعار، وهذا النوع من التضخم تعاني منه الغالبية العظمى من الدول، لذا تخطط الدول إلى تنظيم الأسرة وتحديد الولادات.

- تضخم جذب الطلب: يحدث عندما ترتفع الأسعار نتيجة لوجود فائض كبير في الطلب الكلي مقارنة بالعرض الكلي "المحلي والمستورد"، وقد يكون ذلك مؤقتاً وقد يستمر، مثل ارتفاع أسعار ألعاب وبعض المواد الغذائية في الأعياد أو مناسبات معينة (بداية الموسم) أو السياحة والاصطياف، وفي هذه الحالات فإن زيادة الإنفاق لا تمثل زيادة في الإنتاج الحقيقي بقدر ما تكون نتيجتها زيادة الأسعار.

- التضخم المتسلل: وهو تضخم عادي، لكنه يحدث أثناء انخفاض الإنتاج، حيث تبدأ أسعار السلع والخدمات في الارتفاع ما يحدث مخاوف لدى المستهلكين من استمرار ارتفاع الأسعار، فيلجؤون إلى شراء سلع وخدمات أكثر من حاجتهم، ويتخلصون من النقود، فيتكون التضخم المتسلل الذي يؤدي إلى كبح النمو.

- التضخم الجامح: عادة يحدث هذا النوع من التضخم في بدايات مرحلة الانتعاش أو مرحلة الانتقال من نظام اقتصادي إلى آخر، أو في الفترات التي تعقب الحروب، لذلك يعتبر هذا النوع من التضخم أسوأ أنواع التضخم، حيث يفقد الناس الثقة في النظام الاقتصادي.

- التضخم المكبوت: غالباً ما يظهر هذا النوع من التضخم في الدول التي تأخذ بالاقتصاد الموجه، حيث تصدر الدولة نقودا دون غطاء بهدف الإنفاق العام للدولة، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار نتيجة زيادة الطلب على العرض بسبب وفرة النقد، فتلجأ الدولة إلى التدخل من أجل التحكم بالأسعار عن طريق تحديد حصص من السلع والخدمات لكل فرد، وكأن الدولة بذلك كبتت (قيدت) تحول الفجوة بين الطلب الأكبر والعرض الأقل، وهذا ما يؤدي إلى ظهور الأسواق السوداء.

-التضخم المستورد: عندما ترتفع أسعار السلع المستوردة لأي سبب كان ينسحب هذا الارتفاع، في الغالب على السلع المحلية، ما يؤثر بشكل واضح على أصحاب الدخول المحدودة، فيطالبون بزيادة الأجور والمرتبات.

-التضخم الركودي: في فترات الركود ينخفض الطلب الفعال وينخفض مستوى تشغيل الجهاز الإنتاجي فتتزايد معدلات البطالة، وإذا كان هناك احتكار كامل أو مهيمن، فلا يستطيع أحد إجبار الشركات المحتكرة على تخفيض أسعار سلعها وخدماتها في حالة الركود، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار مع ارتفاع معدلات البطالة.
_______________________________________
مصادر:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق