الأحد، ١٢ رمضان ١٤٣١ هـ

المماليك





أصل المماليك:


كلمة مملوك تعني العبد أو الأسير


أصل المماليك من بلاد ما وراء النهر (نهر جيحون) وتشمل تركمانستان وأفغانستان وما يجاورها

إستخدم المسلمون المماليك منذ زمن بعيد أيام الطولونيين الذين حكموا في القرن الثالث الهجري وأيام الأخشيدين الذين حكموا في القرن الرابع الهجري وأيام الفاطمين الذين حكموا من النصف الثاني من القرن الرابع الهجري إلى منتصف القرن السادس الهجري، أي أربعة قرون. وأيضا إستخدمهم الأيوبين بكثرة . كان يستخدمهم المسلمون بكثره في حروبهم وأحيانا كان يتم الإعتماد عليهم بشكل كلي.


كان الكثير من سكان بلاد ما وراء النهر من الأتراك، لذلك تجد أن معظم المماليك أتراك الأصل، ومنهم الأرميين ومنهم المغوليين، ومنهم الأروبيين خاصة من شرق أوروبا.






بداية حكم المماليك:


بداية حكم المماليك الحقيقية كانت في مصر، عام 648 هجري أي في منتصف القرن السابع الهجري ... التفاصيل في القادم..


التفاصيل : بعدما تولى نجم الدين أيوب حكم مصر وهو من أفضل حكام الأيوبيين، بعدما تولى حكم مصر كعاده ملوك وأمراء الدولة الأيوبيه في التنازع والتقاتل بينهم، قرروا قتال نجم الدين أيوب والغريب في ذلك أنهم إستعانوا بالصليبين في قتاله. وافق الصليبين على مساعدة أمراء الشام الأيوبين في قتال نجم الدين أيوب في مقابل تنازل الأيوبين عن بيت المقدس للصليبين!! لا أتصور كيف وافق المسلمون على ذلك!!


لما كان جيش نجم الدين أيوب قليل العدد مقارنة ب جيوش أيوبيي الشام والصليبين قرر الإستعانة ب الخوارزميين وهم مجموعة من المقاتلين المرتزقة الذين يدينون بالولاء لمن يدفع أكثر.


إستعان نجم الدين أيوب بهؤلاء الخوارزمين ليقوي بهم جيشه من المصرين حتي يتمكن من هزيمة الصليبين وأمراء الشام الأيوبين وبالفعل نحج في هزيمتهم وقتل عشرات الآلاف من الصليبين وأسر ملوكهم هم والأيوبين الأخرين.


كيف جاء المماليك إلى مصر؟


كما ذُكر سابقا أن نجم الدين أيوب كان يستعين بالخوارزمين في حروبه مع أعداءه، ولما كان ولائهم لمن يدفع أكثر، دفع لهم أحد أمراء الشام أكثر، فتركوا الملك الصالح بل وثاروا عليه ولم يبق معه إلى من يدين إليه بالولاء من الجنود المصريين.

وحتى يقوي نجم الدين جيشه قرر الإستعانه بما إستعان به المسلمون قبله على مر العصور منذ أيام الطولونيين والإخشيدين والفاطميين، قرر جلب المماليك صغارا وقام بتعليمهم اللغة العربيه قراءة وكتابة وتعليمهم فقه الدين الإسلامي، وبعد البلوغ يعلمهم فن القتال.


وهكذا كان المماليك يدينون بالولاء للملك الصالح أيوب ولم تكن المعامله بين الملوك والمماليك علاقة سيد بعبد وإنما علاقة معلم بتلميذ، أو أب بإبن أو راع برعية.


أخذ الملك الصالح نجم الدين أيوب في تقريب المماليك له، فعندما بني لنفسه قصرا على النيل (وكان عندها يسمي البحر) ، بني لهم قلعة بجوار البحر وسموا بالمماليك البحرية نسبة إلى ذلك، وأيضا سموا بالمماليك الصالحية نسبة إلي كلمة الصالح.


ملحوظة: كان هناك مماليك إسمهم المماليك الكاملية نسبة إلى الملك الكامل، والمماليك المعزية، نسبة إلى الملك المعز عز الدين أيبك أول ملوك المماليك.


نعود لنجم الدين أيوب... أخذ يقرب المماليك من نفسه ويُأَّمر من نبغ منهم على الإمارات، وهكذا أصبح الملك الصالح ذو فضل عليهم وجميل، فحفظوا له الجميل.


في هذا الوقت وتحديدا عام، 674 هجري أي قبل تولي عز الدين أيبك الحكم بعام واحد، في هذا الوقت الذي هجم فيه التتار على شرق العالم الإسلامي لإسقاط العباسيين، إستغل لويس التاسع ملك فرنسا الفرصة وقرر إطلاق سابع حملة صليبية على العالم الإسلامي فإنطلق بجيوشة تجاه مصر قاصدا مدينة دمياط، وفي هذه الأيام إنتشرت إشاعة موت الملك الصالح فثبطت قلوب المسلمين في دمياط فترك رجال المدفعية المدينة للويس التاسع بدون أي مبرر!!


بعدها قرر لويس التاسع الإتجاه للقاهره عاصمة الدولة الأيوبية أنذاك، فلم يلبث أن سمع نجم الدين أيوب الخبر وإنطلق بجيشة الذي يقوده أمراء المماليك آنذاك وهم فارس الدين أقطاي، ركن الدين بيبرس، عز الدين أيبك.


وفي منتصف الطريق بين دمياط والمنصورة قامت معركة المنصورة الذي هُزم فيها الصليبين وفر لويس التاسع إلى فارسكور ولكن المسلمين تتبعوه وأسروة في دار إبن لقمان في المنصورة والتي مازالت موجوده إلى الأن من أهم متاحف المنصورة.


أثناء معركة المنصورة، توفي الملك الصالح نجم الدين أيوب، ولم تعلن زوجتة شجرة الدر وفاته حتي لا تثبط روح المقاتلين في معركة المنصورة، وأرسلت إلى إبن نجم الدين أيوب توران شاه لكي يأتي إلى مصر ليتسلم مقاليد الحكم في البلاد بعد موت أبيه.


توران شاه:


لما تسلم توران شاه الحكم في البلاد أخذ يهمش دور المماليك الذين انتصروا على الصليبين في المنصورة وفي فارسكور، وأخذ يهمش دور شجرة الدر، ولكن المماليك لم يرضوا بالوضع فدبروا مؤامرة لقتله... وقد كان...وبعده حكمت إمرأة عرش مصر.




شجرة الدر:


بعد مقتل توران شاه نصب المماليك شجرة الدر حاكما للبلاد، وبالطبع لم يعجب هذا الوضع الأيوبين في الشام ولا الخليفه العباسي الذي قال إن كانت الرجال قد فنيت عندكم فأعلمونا نرسل لكم رجلا، ولا حتى المصرين أنفسهم، فخافت شجرة الدر على نفسها لأن هذا المنصب آنذاك لا يتركة صاحبة غالبا إلى بالقتل، فقررت أن تتزوج من رجل يكون هو الملك صورة، بينما هي من تدير شؤون البلاد من خلفه، فلم تختار رجلا قويا مثل فارس الدين أقطاي لأنه لم يكن ضعيفا لتستخدمه كما تريد، فقررت أن تتزوج من ...




الملك المعز، عز الدين أيبك:


قررت شجرة الدر أن تتزوج من عز الدين أيبك أحد المماليك البحرية، فرأت فيه الرجل المناسب الذي يمكن أن تضعه كصورة حاكم وتحكم من وراءه، ولكن حسابها كان خاطئ، فلم يكن عز الدين أيبك هذا الرجل الذي ظنتة شجرة الدر، فأخذ يقوي نفوذه في البلاد، لتكون له الكلمة، ولكن المماليك البحرية لم يرضوا بالوضع، هذا الوضع الذي أصبح فيه عز الدين أيبك وقد كان مملوكا مثلهم، أصبح ملكا عليهم!


فكثر الحنق والحقد فيهم، فماذا فعل عز الدين أيبك؟ 




قرر أيبك جلب مماليك بنفسة ليدينون بالولاء له وسماهم المماليك المعزية نسبة إلية، وفي هذه الإثناء قرر أقطاي الزواج من بنت أحد الأمراء الأيوبين ليتقرب من الأيوبين ليتخذهم وسيلة لحكم مصر، فلما علم ذلك عز الدين أقطاي قرر قتله، وبالفعل تم قتله على يد مجموعة من المماليك المعزية، ولما علم بقية الأمراء المماليك الصالحية بذلك خافوا على أنفسهم فقرروا الذهاب إلى بلاد الشام، وعلى رأسهم الظاهر بيبرس. بينما ظل مع المعز مماليكه المعزيه وعلى رأسهم سيف الدين قطز الذي يدين بالولاء للملك المعز.



ظل عز الدين أيبك يحكم البلاد لمده سبع سنوات، حارب فيها الأيوبيين وإنتصر عليهم عندما جائوا ليقاتلوه كعادتهم.


قرر عز الدين أيبك الزواج من بنت حاكم الموصل الأمير الخائن بدر الدين لؤلؤ ذو التعاون المقزز مع التتار، وذلك حتى يكون له شريك في الحرب ضد الأعداء وتوسيع رقعه حكمه بعد طمعه في فلسطين والشام.


ولكن شجرة الدر لم تتمالك نفسها، ودبرت مكيده لقتله في بيتها، وذهب عز الدين أيبك إليها ليقضي الله أمرا كان مفعولا.


السلطان الطفل "نور الدين" الملقب بالمنصور:


بعد قتل عز الدين أيبك على يد زوجته الثانية شجرة الدر، أحضر المماليك إبنه من زوجته الأولى نور الدين ذو الخمسة عشر ربيعا صبوه سلطانا على مصر، وكان واصيا عليه سيف الدين قطز.




سيف الدين قطز (محمود):


إقترب الخطر التتاري من بلاد المسلمين، فقرر سيف الدين قطز -وهو من أعظم الشخصيات في تاريخ المسلمين وهو إبن أخت الملم جلال الدين الخوارزمي الذي إنتصر على التتار في بداية حربهم معه ولكنهم هزموه في النهاية ففر إلى الهند وقتلوا بعض اسرته وأسروا البعض وباعوهم في سوق الرقيق ومنهم محمود، محمود أو محمود إبن ممدود هذا الطفل الذي نشأ في بيت ملكي ثم بيع في سوق الرقيق بعد أسره وقتل أهله وهزيمة خاله الملك جلال الدين.


وتمر الأيام ويجتاح التتار بلاد المسلمين ولم يعد أمامهم سوى مصر، فقرر قطز عزل نور الدين، وإعتلى هو عرش مصر، وكان ذلك عام 657 هجري أي قبل وصول هولاكو إلى حلب بأيام... وأخد قطز في عد العدة للقاء التتار.




ليس المجال الآن الحديث عن قطز ولا عن معركة عين جالوت الشهيره ولا عن الإعداد لها، يمكن مراجعه هذا الرابط عن معركة عين جالوت لأنه المقال سيطول ويطول...


المهم، بعدمه إنتصر قطز على التتار في معركة عين جالوت، لم يلبث في الحكم إلا خمسين يوما، لتصبح مده حكم قطز لمصر أحد عشر شهرا وخمسين يوم.


في هذه المده الصغيره إستطاع قطز أن يغير المسلمين ويوحدهم لقتال التتار. التغيير لا يحتاج إلى وقت بقدر ما يحتاج إلى رجال.



جاء بعد قطز بيبرس ليحكم مصر ثم المنصور قلاوون وسميت هذه الفتره فترة حكم المماليك البحرية وانتهت سنة 792 هجري، جاء بعدها المماليك البرجية وانتهى حكمهم سنه 923 هجري.



سقوط دولة المماليك:


وصل البرتغالين إلى الهند عن طريق رأس الرجاء الصالح وأنشأوا مراكز تجارية مسلحة، وقام البرتغالين بتدمير سفن المماليك التجارية مما سبب أزمة إقتصادية.


عام 910 هجري أرسل السلطان قنصوه الغوري إسطول تجاري محملا بالتوابل إلى الهند واثناء عودة الاسطول حمل معه عدد من الامراء الهنود والحجاج قاصدين مكة ولكن الاسطول البرتغالي هاجمهم ولم يعود الاسطول الاسلامي كاملا إلى مكة.


فقرر السلطان قنصوه الغوري إرسال اسطول حربي لمحاربة الاسطول البرتغالي في مياه الهند، وبالفعل هُزم الاسطول البرتغالي وتم قتل قائده، وكان ذلك عام 1913 هجري.


ورد البرتغاليين في العام التالي ودمر معظم وحدات الاسطول المملوكي والهندي.


بعدها جهز السلطان قنصوه الغوري اسطولا اخر لقتال البرتغاليين، عام 921 هجري الموافق 1515 ميلادي ، ولكن السلطان عامر الثاني سلطان الطاهريين رفض إمداد الاسطول بالعده والعتاد منتهكا بذلك العهد بينه وبين المماليك، فظل الاسطول المملوكي رابطا عند شواطئ الهند قرابة ثمانية شهور، وكان هذا أثناء معركة مرج دابق التي قتل فيها السلطان قنصوه الغوري.




عام 1517 ميلادي سقطت دولة المماليك نهائيا على يد العثمانين، مما يعني أنها استمرت من عام 648 هجري إلى 923 هجري أي 275 سنه


كانت العلاقة بين الدولة العثمانية والمماليك تتوتر أحيانا ثم تستقر ثم تعود لتتوتر وهكذا ..


في عام 921 هجري، قرر العثمانيين استعداد الجيش والاسطول العثماني لشن هجوم على مصر، وفي مرج دابق شمالي حلب عام 922 هجري دارت معركة بين العثمانيين والمماليك كان النصر فيها من حليف العثمانيين ولما علم قنصوه الغوري بذلم قتل نفسه بالسم. وأصبحت الشام ضمن أملاك العثمانيين.


وفي عام 923 هجري، توجة السلطان العثماني سليم الأول إلى مصر بعد معركة مرج دابق لينتصر على المماليك في موقعة الريدانية وشنق السلطان المملوكي طومان باي على باب زويلة، وأصبحت مصر تابعة للدولة العثمانية.






وكانت هذه نهاية دولة المماليك 648 - 923 هجري




للمزيد، ينصح بزيارة الموقع الرائع IslamStory
_____
هارفرد



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق